نبحث عن الحقيقة

مراهنات السعودية بين سوريا واليمن

قاسم عزالدين
 

في دلالة على المساعي السعودية لما تراهن عليه في سوريا، يطالب رياض حجاب باسم الهيئة العليا للتفاوض باستلام السلطة بعد ستة أشهر من المفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية. يأخذه التفاؤل السعودي بحل يعود إلى ما قبل تفاهمات فيينا وميونيخ بشأن المرحلة الانتقالية وأولوية مواجهة الارهاب.

 
 
في تعليقه على فشل الإتفاق الروسي ــ الاميركي بشأن سوريا، أفاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأنه يتوقع التوصل إلى اتفاق خلال أربع وعشرين ساعة أو نحو ذلك. لكنه أردف بأنه سيكون اختباراً لنوايا حلفاء الرئيس بشار الأسد، ما إذا كانوا سيمارسون ضغوطاً عليه، في إشارة إلى روسيا وإيران. ولم يفت الوزير الجبير بالتلويح بخطة التصعيد العسكري بديلاً بحسب تعبيره.
 
السعودية تحرص بلسان وزير الخارجية، على تقديم انطباع بأنها تبحث عن حلول أو تبادر إليها أحياناً لكنها مضطرة إلى الحرب كخطة بديلة وخيار اضطراري. وفي هذا السبيل يُطلق الجبير عبارات متفائلة لها قابلية سرعة الانتشار في وسائل الإعلام، بانتظار خبر اليوم التالي الذي يأخذ طابع “نسعى للحل لكن يدٌ واحدة لا تصفق وحدها”. وقد يكون هذا الأسلوب بناء على عمل ما يُعرف ببيوت الخبرة الدولية بشأن “إدارة النزاعات”، التي توصي بتقديم انطباع عن حل قريب حين يكون ما تسعى إليه مستعصياً.
 
في اليمن حيث ما تسعى إليه السعودية أكثر استعصاء، يقول الجبير في مؤتمر صحفي مع فيليب هاموند قبل رحيل حكومته، حققنا تقدماً في المفاوضات ونتطلع إلى المزيد. وفي معرض آخر يلحظ مؤشرات لقرب انتهاء الحرب في اليمن، أو يحكم بأن ما يسميه النزاع هو في مرحلته الأخيرة. لكنه حين يحاول وزير الخارجية الاميركي في جدة وضع بعض النقاط على الحروف فيما وُصف بمبادرة جون كيري، يذهب الجبير إلى خواتيم القصد في قوله لن نسمح لإيران بالسيطرة على اليمن. فهو يطالب إيران بحسن الجوار مثلما كنا قبل ثورة 1979، كما يقول.
 
تحت هذا السقف شديد الارتفاع والتوسّع على المستوى الاقليمي وأبعد، لا تترك السعودية لنفسها البحث عن حل سياسي في اليمن أو عن تسوية ومساومة. بل تذهب إلى الحرب في اليمن تعويلاً على المستحيل في إعادة إيران إلى ما قبل الثورة. وهو ما يشي بظن السعودية إمكانية إعادة الظروف الدولية والإقليمية إلى نهاية السبعينات بناء على رغبتها وأمانيها. وفي هذا السياق تراهن السعودية على ما يسميه اسماعيل ولد الشيخ أحمد تلازم المسارين السياسي والأمني، وهو في تفاصيله ومجمله مسار أمني يفترض أن ينسحب أنصار الله والجيش من مواقعهم وأن يسلموا سلاحهم ورقابهم إلى السعودية وحلفائها مقابل تشكيل حكومة قابلة لأن تصبح في مهب الريح بين عشية وضحاها. فوزير الخارجية عبد الملك المخلافي يعبّر عن استمرار المراهنة على الحل الأمني ــ العسكري، إثر لقاء ولد الشيخ أحمد برئيس الوزراء في الرياض على الرغم من تأييد السعودية لخطة كيري التي تحاول إيجاد حل على الورق في اقتراح تسليم السلاح إلى طرف ثالث غير معروف وقد لا يكون الاقتراح أكثر من غموض متعمّد.
 
في الشأن السوري تذهب السعودية إلى مؤتمر “مجموعة أصدقاء سوريا” في لندن، بينما يطلق الجبير تفاؤله بشأن الاتفاق الروسي ــ الاميركي. وفي دلالة على المساعي السعودية لما تراهن عليه في سوريا، يطالب رياض حجاب باسم الهيئة العليا للتفاوض باستلام السلطة بعد ستة أشهر من المفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية. يأخذه التفاؤل السعودي بحل يعود إلى ما قبل تفاهمات فيينا وميونيخ بشأن المرحلة الانتقالية وأولوية مواجهة الارهاب.
على هذا الإيقاع يتفاءل أيضاً وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في صحيفة التايمز، بما يراه فرصة لتفعيل هذه الرؤية إذا تمكن الروس والأميركيين “برأب الصدع”. لكن وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر يُسرّ أمام طلاب جامعة أوكسفورد البريطانية بأن الأنباء الواردة من موسكو غير مشجّعة. فهو يقول الخيار لروسيا والعواقب عليها. لكن مايكل راتني لم يستطع أن يخفي في عرضه مسوّدة بنود المباحثات بين موسكو وواشنطن، ما سماها شروطاً صعبة في الإشارة إلى أن واشنطن لا تعرض تسوية وحلول وسط. بل يراهن التحالف الاميركي ــ الغربي ــ السعودي على خيار التصعيد وقد يكون الخيار له في رفض أو قبول هدنة قصيرة بمناسبة العيد الكبير ، لكن العواقب عليه.
 
المصدر: الميادين نت

التعليقات مغلقة.