تماس الماء والنار
موقع طلائع المجد | أقلامٌ حُرّة | 9
| صلاح الدكاك
من دون أن يكتمل احتلال مثلث الشُرفة المائية المطلة على البحرين العربي والأحمر، فإن التحالف الأميركي – السعودي – الإماراتي لن يكون قد قطع الشوط الأهم والرئيس لجهة تحقيق أهدافه الاستراتيجية من عدوانه على اليمن، طبقاً لاعتقاد وتقديرات هذا التحالف.
عبر مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ضمن دولة اتحادية، كان اليمن ليكون فريسة ميسورة وموسّدة لاحتلال أميركي ناعم وبلا أكلاف تُذكر، وسيحصل حينها «الكارتيل» الاستعماري الغربي بقيادة واشنطن من كل كانتون على أثمن ما فيه من مزايا، مشفوعة بصكوك بيع شرعية يمنحها له مجموع الإدارات الإقليمية الست المخوَّلة دستورياً تمكين من تراه مناسباً من الدول والشركات الكونية من الاستثمار في الثروات السيادية وغير السيادية الواقعة في نطاق حكمها الفيدرالي، من دون حاجة للرجوع إلى مركز الدولة الاتحادية بغية أخذ موافقته في شأنها.
يستهدف التحالف الاستعماري الكوني اليوم، بالعسكرة والتدخل المباشر، إنجاز المشروع التفتيتي نفسه الذي فشل في إنجازه بالأمس بالقوة الناعمة، وعبر سلطة وكلاء محليين أطاحت بهم ثورة 21 أيلول الأنصارية الشعبية.
يقول محمود درويش: «من لا بحر له لا بر له». وقد عمد مشروع الأقلمة السداسية إلى حرمان محافظات شمال الشمال من إطلالة بحرية كانت ممكنة، وزنزنتها جغرافياً واجتماعياً في المرتفعات الجرداء وبأطواق من التأليب والتعبئة الطائفية والمناطقية المضروبة حولها من كل ناحية، بغية الإجهاز عليها كحاضنة للنشأة الثورية الأنصارية المقاوِمة لمشاريع الهيمنة الأميركية والصهيونية العالمية، يجعل انفتاحها على البحر منها – والحال كذلك – خطراً على عموم المصالح الاستعمارية في المنطقة العربية، لا في اليمن وحده بحسب تقديرات العدو.
في ميديا «التحالف»، ثمة معركة لـ«تحرير الحديدة» بدأت مجرياتها منذ ما يقارب الشهرين. وعلى أرض الواقع، ثمة سلسلة من المعارك الخائبة التي يرمي «التحالف» بكل ثقله فيها منذ 32 شهراً بهدف احتلال الساحل الغربي من ميدي في أقصى الشمال إلى الحديدة غرباً، ولا جديد في الآونة الأخيرة منها سوى وثوب الدعم الغربي لـ«التحالف» إلى مسرح الاشتباك العسكري المباشر بصورة فجة، رهاناً على «عملية خاطفة» طال أمدها، ووقع العدو في خناق تبعاتها المكلفة والآيلة لأن تطاول نارها العالم برمته.
لقد أمكن لمحاربي الجيش واللجان استدراج الزخم الهجومي الأكبر لـ«التحالف» إلى سلسلة من الزنازين الانفرادية بطول سواحل البحر الأحمر، من المخا جنوباً إلى الدريهمي غرباً، فأثبتوا صلابة الظهير التهامي الشعبي المسانِد للقيادة الثورية الأنصارية، وفشل العدو في اختراقه بمجموع ولاءات سلطة وكلائه الجهوية البائدة. وبدا جلياً، من حجم الاندفاعة الشعبية لأبناء تهامة ومختلف محافظات الشمال والوسط إلى الحديدة للدفاع عنها عقب خطاب متلفز لسيد الثورة نهاية يونيو الفائت، أن الحاضنة الاجتماعية للثورة الأنصارية ليست محصورة في صعدة ـ كما قدّر العدو ـ، وأن تهديد الحديدة هو تهديد لكل اليمن لا لـ«الحوثيين». وعوضاً عن أن يقتطع تحالف العدوان الحديدة، فيقع مثلث الشُرفة المائية كاملاً تحت سيطرته، باتت عدن المحتلة أنضج لجهة أن تفلت من يده بفقدانه جزءاً كبيراً من قوام قوته البشرية (الجنوبية تحديداً) في معارك الساحل المستمرة، وتنامي سخط الجنوب عليه.
لقد شرعت الطائرات المسيرة للجيش واللجان الشعبية تضرب مركز قيادة «التحالف» في عدن المحتلة، ولم يكن المناخ الاجتماعي للجنوب مواتياً قبل معركة الحديدة لمثل هذه الضربات، لكنه صار كذلك اليوم.
إن مراوحة «التحالف» في مستنقع إخفاقاته في الساحل الغربي، مضافاً إليها مجموع الصيود الاستخباراتية الثمينة التي حصدها الجيش واللجان في معارك الساحل، كما وثبوت القدرات النوعية لوسائطه النارية البحرية مع استخدامها بنجاعة وعقلانية، كل ذلك يضع الاشتباك العسكري على عتبة جولة مفاوضات سياسية بدفع دولي واسع، ومحفوز بمخاوف وحسابات تتعلق بالحاجة إلى تجنيب الممر الملاحي الأهم عالمياً مقامرات عدوان تأكدت صبيانيتها.
الحرب مستمرة إذن، لكن بوسائط أخرى ليست النارية في صدارتها… إنها ـ بتعبير آخر ـ مراوحة موقتة بين الماء والنار.
عبر مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ضمن دولة اتحادية، كان اليمن ليكون فريسة ميسورة وموسّدة لاحتلال أميركي ناعم وبلا أكلاف تُذكر، وسيحصل حينها «الكارتيل» الاستعماري الغربي بقيادة واشنطن من كل كانتون على أثمن ما فيه من مزايا، مشفوعة بصكوك بيع شرعية يمنحها له مجموع الإدارات الإقليمية الست المخوَّلة دستورياً تمكين من تراه مناسباً من الدول والشركات الكونية من الاستثمار في الثروات السيادية وغير السيادية الواقعة في نطاق حكمها الفيدرالي، من دون حاجة للرجوع إلى مركز الدولة الاتحادية بغية أخذ موافقته في شأنها.
يستهدف التحالف الاستعماري الكوني اليوم، بالعسكرة والتدخل المباشر، إنجاز المشروع التفتيتي نفسه الذي فشل في إنجازه بالأمس بالقوة الناعمة، وعبر سلطة وكلاء محليين أطاحت بهم ثورة 21 أيلول الأنصارية الشعبية.
يقول محمود درويش: «من لا بحر له لا بر له». وقد عمد مشروع الأقلمة السداسية إلى حرمان محافظات شمال الشمال من إطلالة بحرية كانت ممكنة، وزنزنتها جغرافياً واجتماعياً في المرتفعات الجرداء وبأطواق من التأليب والتعبئة الطائفية والمناطقية المضروبة حولها من كل ناحية، بغية الإجهاز عليها كحاضنة للنشأة الثورية الأنصارية المقاوِمة لمشاريع الهيمنة الأميركية والصهيونية العالمية، يجعل انفتاحها على البحر منها – والحال كذلك – خطراً على عموم المصالح الاستعمارية في المنطقة العربية، لا في اليمن وحده بحسب تقديرات العدو.
في ميديا «التحالف»، ثمة معركة لـ«تحرير الحديدة» بدأت مجرياتها منذ ما يقارب الشهرين. وعلى أرض الواقع، ثمة سلسلة من المعارك الخائبة التي يرمي «التحالف» بكل ثقله فيها منذ 32 شهراً بهدف احتلال الساحل الغربي من ميدي في أقصى الشمال إلى الحديدة غرباً، ولا جديد في الآونة الأخيرة منها سوى وثوب الدعم الغربي لـ«التحالف» إلى مسرح الاشتباك العسكري المباشر بصورة فجة، رهاناً على «عملية خاطفة» طال أمدها، ووقع العدو في خناق تبعاتها المكلفة والآيلة لأن تطاول نارها العالم برمته.
لقد أمكن لمحاربي الجيش واللجان استدراج الزخم الهجومي الأكبر لـ«التحالف» إلى سلسلة من الزنازين الانفرادية بطول سواحل البحر الأحمر، من المخا جنوباً إلى الدريهمي غرباً، فأثبتوا صلابة الظهير التهامي الشعبي المسانِد للقيادة الثورية الأنصارية، وفشل العدو في اختراقه بمجموع ولاءات سلطة وكلائه الجهوية البائدة. وبدا جلياً، من حجم الاندفاعة الشعبية لأبناء تهامة ومختلف محافظات الشمال والوسط إلى الحديدة للدفاع عنها عقب خطاب متلفز لسيد الثورة نهاية يونيو الفائت، أن الحاضنة الاجتماعية للثورة الأنصارية ليست محصورة في صعدة ـ كما قدّر العدو ـ، وأن تهديد الحديدة هو تهديد لكل اليمن لا لـ«الحوثيين». وعوضاً عن أن يقتطع تحالف العدوان الحديدة، فيقع مثلث الشُرفة المائية كاملاً تحت سيطرته، باتت عدن المحتلة أنضج لجهة أن تفلت من يده بفقدانه جزءاً كبيراً من قوام قوته البشرية (الجنوبية تحديداً) في معارك الساحل المستمرة، وتنامي سخط الجنوب عليه.
لقد شرعت الطائرات المسيرة للجيش واللجان الشعبية تضرب مركز قيادة «التحالف» في عدن المحتلة، ولم يكن المناخ الاجتماعي للجنوب مواتياً قبل معركة الحديدة لمثل هذه الضربات، لكنه صار كذلك اليوم.
إن مراوحة «التحالف» في مستنقع إخفاقاته في الساحل الغربي، مضافاً إليها مجموع الصيود الاستخباراتية الثمينة التي حصدها الجيش واللجان في معارك الساحل، كما وثبوت القدرات النوعية لوسائطه النارية البحرية مع استخدامها بنجاعة وعقلانية، كل ذلك يضع الاشتباك العسكري على عتبة جولة مفاوضات سياسية بدفع دولي واسع، ومحفوز بمخاوف وحسابات تتعلق بالحاجة إلى تجنيب الممر الملاحي الأهم عالمياً مقامرات عدوان تأكدت صبيانيتها.
الحرب مستمرة إذن، لكن بوسائط أخرى ليست النارية في صدارتها… إنها ـ بتعبير آخر ـ مراوحة موقتة بين الماء والنار.
* من ملف حول اليمن، نشرته جريدة الأخبار اللبنانية، في عدد اليوم بعنوان: غرب اليمن… هنا المعجزة !
التعليقات مغلقة.