دعوةٌ لتمكين الأدب من مهمته في مواجهة العدوان
حمود الأهنومي
مقالات_ طلائع المجد
أدبُ الشعوب هو أحدُ مرايا الشعوب، ومبتغى الباحثين والمتابعين لها، وفي متانته وقوة حجته وشكله وأسلوبه وطريقته وتنوعه، ما يشير إلى ثقافة ذلك الشعب، وقوته، وعدالة قضيته، وأصالتها، ويعتبر من المصادر الهامة التي تعكسُ نفسيته ذلك الشعب ويقينه وسلوكه وقيمه وأدبياته.
بمعنى أنه يمكن الآن أن نتنبأ بانتصار الشعب اليمني على هذا العُدْوَان الغاشم من خلال ما أفرزته قرائح الشعراء والأدباء والمزوملين وما عبّرت عنه كلماتهم وتراكيبهم وما أوحته وتوحيه ظِلالها القوية والأخّاذة وما حملته وتحمله من أدبيات وقيم وسلوكيات واحتجاجات بيانية رائعة.
لا تجد في الجانب الآخر وهو جانب المعتدي ومَن يقف معه نتاجاً أدبياً يضارع أو يضاهي ولو عُشراً من هذا الأدب الفياض الذي أنتجته قرائح الشعراء المقاومين والوطنيين، وما تذيعه قنواتهم وهو قليل جداً لم يبلغوا فيه تميزا، ولا جدة، ولا قوة ولا متانة، ولا حتى صدقا فنيا دعك من الصدق الشعوري.
إن اضطلاعَ الشعب بالمهمة العظمى في مقاومة هذا العُدْوَان عكَس هذه المهمة العظمى التي يؤديها الأدب الشعبي، المتمثل في الزامل، والنشيد، كما أن ضعف الإنتاج في الجانب الأكاديمي المقاوِم يعكِس أَيْضاً غياب معظم هذه الشريحة مثلا عن هذه الملحمة الوطنية للأسف، وارتباط بعضهم بالعُدْوَان، كما يعكس أَيْضاً خطأ التربية الوطنية التي تربوا عليها أو انكشاف قلة جداوئيتها.
لاحقاً ستكون قصائد الشاعر اليماني العظيم معاذ الجنيد مثلا بتوقيتاتها ومناسباتها وأفكارها وخلجاتها وفخرها ومجدها أحد أهم مصادر التأريخ عن هذا العُدْوَان وستعكس مدى تفاعل الشعب اليمني ضد العُدْوَان، ومقاومته إياه، ومن خلال مؤشرات يذكرها الشاعر، سينطلق المؤرخ ليقول الشيء الكثير، ويستنتج الاستنتاجات الواسعة، طبعا بعد إخضاع النص للنقد السلبي والإيجابي.
لقد وضع العُدْوَان هذا الشعب بمثقفيه في موضع التحدي؛ الأمر الذي فجر ينابيع الأدب من كل صوب واتجاه، وبعث مصادره من مراقدها، ولهذا ظهر كثير من الشعراء والأدباء والكتاب والمنشدون خلال فترة العُدْوَان، ومجمل ذلك سيكون مصدرا مهما وأساسيا من مصادر التأريخ لهذه المرحلة من العُدْوَان.
إنه لمن المهم أن يتم التركيز على الجانب الأدبي وما قدمه في سبيل مواجهة هذا العُدْوَان، ليس فقط في القصيدة الشعرية، أو الزامل، أو الأنشودة، بل يجب أن يأخذ الرسم أَيْضاً والكاريكاتير والمسرح والتمثيل والرواية والقصة القصيرة مساحة واسعة في متن أدب المقاومة والجهاد، وهذه دعوة صادقة لوزارة الثقافة خصوصا ولحكومة الإنقاذ عموما لأخذ اعتبار هذه المسألة وإعطائها أولوية فاعلة في التشجيع والدعم والابتكار كسلاح فاعل ضد المعتدين أولاً، وتزويداً لعوامل الصمود الداخلي قوة ومتانة وأصالة ثانيا، وتيسيراً لكتابة التأريخ المعاصر ثالثاً. ولن نعدم رابعاً وخامساً من الفوائد التي لا يسع المقال لذكرها.
التعليقات مغلقة.